عمرو سيد المدير ورئيس مجلس الادارة
عدد المساهمات : 256 تاريخ التسجيل : 23/02/2010 العمر : 38
| موضوع: التمهيد لشرح كتاب التوحيد (الجزء الاول) الإثنين مارس 22, 2010 12:30 pm | |
| الكتاب : التمهيد لشرح كتاب التوحيد المؤلف : دروس ألقاها صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ
مقدمة شرح كتاب التوحيد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه : هذا شرح لكتاب التوحيد ، شرحته في مجالس متصلة في مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية بحي سلطانة في مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية ، وقد فرغ من الأشرطة المسجلة وأصلحت بعض الألفاظ بما يناسب المكتوب ، فلم أقصد إلى تأليف شرح ، ولذلك فإني أرغب من المحققين في مقاصد التأليف أن يغضوا الطرف عما قد يرد في الشرح من عدم استيعاب أو علو عبارة ، والله أسأل أن يجزي مؤلف الأصل الجد الإمام محمد بن عبد الوهاب خير الجزاء عن أهل السنة لقاء ما قرب لهم من علوم الكتاب والسنة ، وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليما . صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بعث عباده المرسلين بتوحيده ، وأقام بهم الحجة على عبيده ، فاتفقوا أولهم وآخرهم على توحيده وتفريده ، ونبذ الشرك وتنديده ، وأنه الإله الحق المستحق للعبادة دون من سواه ، وعبادة غيره - كائنا من كان - باطلة ؛ فإنه ما عُبد غير الله إلا بالبغي ، والظلم ، والعدوان . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، تأكيدا بعد تأكيد ؛ لبيان مقام التوحيد ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ، صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ، أما بعد : - فهذا الكتاب - كتاب التوحيد - من مؤلفات الإمام المصلح المجدد شيخ الإسلام والمسلمين ، محمد بن عبد الوهاب ، وهو- رحمه الله- غني عن التعريف ؛ لما جعل الله - جل وعلا - لدعوته من أثر ظاهر النفع في جميع أنحاء الأرض : شرقا وغربا ، جنوبا وشمالا ، ولا غرو في ذلك فإن دعوته- رحمه الله- إحياء لدعوة محمد بن عبد الله - عليه أفضل الصلاة والسلام- .
وكتاب التوحيد- الذي نحن بصدد شرحه - كتاب عظيم جدا ، أجمع علماء التوحيد ، على أنه لم يصنف في الإسلام في موضوعه مثله ، فهو كتاب وحيد وفريد في بابه ، لم ينسج على منواله مثله ؛ لأن المؤلف - رحمه الله - طرق في هذا الكتاب مسائل توحيد العبادة ، وما يضاد ذلك التوحيد ، من أصله ، أو يضاد كماله ، فامتاز الكتاب بسياق أبواب توحيد العبادة مفصلة ، مُدَلَّلَةً ، وعلى هذا النحو ، بتفصيل ، وترتيب ، وتبويب لمسائل التوحيد ، لم يوجد من سبق الشيخ إلى ذلك ، فحاجة طلاب العلم إليه ، وإلى معرفة معانيه ماسة ؛ لما اشتمل عليه من الآيات ، والأحاديث ، والفوائد . وقد شبه بعض العلماء هذا الكتاب بأنه قطعة من صحيح البخاري - رحمه الله - وهذا ظاهر ، ذلك أن الشيخ - رحمه الله - نَسَج كتابه هذا نَسْج الإمام البخاري صحيحه من جهة أن التراجم التي يعقدها ، تحتوي على آية وحديث - غالبا - والحديث والآية على الترجمة ، وما بعدها مفسِّرٌ لها ، وكذلك ما يسوقه - رحمه الله - من كلام أهل العلم من الصحابة ، أو التابعين ، أو أئمة الإسلام ، هو نسق طريقة الإمام أبي عبد الله البخاري -رحمه الله - فإنه يسوق أقوال أهل العلم في بيان المعاني . وهذا الكتاب صنفه إمام الدعوة ابتداء في البصرة لمَّا رحل إليها ، وكان الداعي إلى تأليف ما رأى من شيوع الشرك بالله - جل جلاله - ومن ضياع مفهوم التوحيد الحق عند بعض المسلمين ، وما رآه عندهم من مظاهر الشرك : الأكبر ، والأصغر ، والخفي ، فابتدأ في البصرة جمع هذا الكتاب ، وتحرير الدلائل لمسائله ، ذكر ذلك تلميذه ، وحفيده الشيخ الإمام عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله- في "المقامات" ، ثم إن الشيخ لمَّا قدم نجدا حرر الكتاب ، وأكمله ، فصار كتابه هذا - بحق- كتاب دعوة إلى التوحيد الحق ؛ لأن الشيخ - رحمه الله- بين فيه أصول دلائل التوحيد ، وبين فيه معناه وفصله ، كما بين فيه ما يضاده ، والخوف مما يضاده ، وبين - أيضا- أفراد توحيد العبادة ، وأفراد توحيد الأسماء والصفات إجمالا ، واعتنى ببيان الأكبر والأصغر وصورهما ، والذرائع المؤدية إليهما ، وبيَّن ما يُحْمى به التوحيد ، والوسائل إلى ذلك ، وبين أيضا شيئا من أفراد توحيد الربوبية . فـ "كتاب التوحيد" كتاب عظيم النفع جدا ، جدير بأن يعنى به عناية حفظ ، ودرس ، وتأمل ؛ فالعبد محتاج إليه للعمل به ، ولتبليغ ما فيه من العلم لمن وراءه من الناس ، سواءً أكانوا في المسجد
، أم في البيت ، أم في مقر عمله ، أم في أي جهة أخرى . والمقصود : أن مَن فهم هذا الكتاب فقد فهم أكثر مسائل توحيد العبادة ، بل يكون قد فهم جل مسائله وأغلبها . وقد كنت نظرت في الكيفية التي ينبغي أن يشرح بها هذا الكتاب ، وطريقة ذلك ؛ لأن الكتاب - كما يُعلم - طويل لا يمكن استيعاب شرحه شرحا متوسطا أو مبسوطا في نحو ثمانية عشر مجلسا ، فتأملت منهج العلماء الذين شرحوه ، فوجدت شروحهم : ما بين بسيط ، ووجيز ، ووسيط ، فرأيت أن يقتصر الشرح على ذكر الفوائد التي يكثر التباسها على طلبة العلم ، مع بيان مناسبة الآي والأحاديث للترجمة ، وإبراز وجه الاستدلال من الآية أو من الحديث على المقصود ، وذكر شيء من تقرير الحجاج مع الخصوم في هذه المسائل ، ربما لا يطالعه كثير من طلبة العلم في الشروح . وهذه الطريقة التي سنسلكها : طريقة مختصرة ، سوف نأتي بها- إن شاء الله-على الكتاب كله ، مع عدم الإخلال بإفهامه ، وعدم الإقلال من معانيه ، ونسأل الله تعالى المدد ، والإعانة ، والتوفيق .
| |
|